الست كورونا والعيد في يومه الأول
بقلم/ أ.د. عادل الأسطة – فلسطين
أمس الأحد انقضى اليوم الأول من العيد . السماء في العاشرة كانت غائمة وسرعان ما هطل المطر بغزارة ، ولا يحدث أن تمطر في نهاية أيار إلا كل عشر سنوات تقريبا . حدث ذلك في عام الاجتياح ٢٠٠٢ وحدث ذلك في العام ٢٠١٠ ، وأعتمد في هذا على الذاكرة الشخصية وذاكرة الفيس بوك .
حركة السيارات في المدينة التي قسمت إلى مربعات بينها حواجز كانت قليلة ، وقليلة جدا كانت الحركة بين المدن في فلسطين ، وليس السبب هو الاحتلال الإسرائيلي ، إنه يعود إلى دواعي الحذر من الإصابة بالكورونا بعد أن شهدت المدن ، في الأيام العشرة الأخيرة ، حالة من النشاط انعدم فيها الحجر الصحي وسادت فيها سياسة القطيع والتربية الإسبارطية ، وبعد أن عاد العمال الفلسطينيون العاملون في المناطق المحتلة في العام ١٩٤٨ إلى مدنهم وقراهم في مناطق السلطة الفلسطينية – أي المحتلة في العام ١٩٦٧.
أجواء العيد وقلة الحركة ذكرتني بأعياد الميلاد في ألمانيا التي عشت فيها أربع سنوات ، ففي أعياد الميلاد تكاد الحركة تنشل ويلتزم الناس في بيوتهم يحتفلون معا في جو أسري دافيء ونادرا ما يخرجون منها . إنهم ينشدون أيضا الدفء في أيام شديدة البرودة ، وفي تلك الأيام غالبا ما كنت في منزل الطلبة وحيدا ، فالطلاب كلهم غادروا إلى بيوت عائلاتهم .
الجو كان ماطرا ومع ذلك فلم يحل دون زيارة قسم من الأقارب في القسم المتاح لنا التحرك فيه من المدينة .
في كل بيت يقدم لك العصير والحلوى والقهوة أو الشاي حسب رغبتك ، وتجود بما تجود به النفس من أموال ، فمنذ وعيت على هذه الدنيا والعيد مرتبط بصلة الرحم والمال ، وأيام كنا صغارا كان السؤال الجاري على اللسان هو :
– كم جمعت من عيديتك ؟
شخصيا أنفقت النصف الثاني من النهار وحيدا أنظر في صفحة الفيس بوك وأتابع ما يصلني من رسائل عبر الماسنجر وأرد عليها وعلى الرسائل الواردة ببريد الرسائل ، وعرفت من رسالة ابنتي أنها رزقت بمولود ثان أسمته وزوجها ” فيصل ” وصارت العائلة مكونة من 4f – أي فارس وفائزة وفرح وفيصل .
وكما في اجتياح القوات الإسرائيلية لمدينة نابلس في ٢٠٠٢ صارت الحركة داخل المدينة صعبة ، فثمة حواجز أمنية حالت دون الوصول إلى غرب المدينة حيث يقطن بقية أفراد الأسرة الواحدة .
أمس لم أقرأ أية صفحة ولم أفكر في الكتابة ولم أدون أية فكرة لكي أخوض فيها . الذهن صاف ولم تمتد يدي إلى أي كتاب . فقط قرأت المقطع الذي ضمنته مقال الأحد ” العيد في زمن الكورونا ” لمحمود درويش واضطررت في الحادية عشرة إلى التأكد مما نقلته ، فقد سألني المحامي ماهر فتحي بسطامي عن كلمة ” كل على حدة ” أهي ” كل ” أم ” كلا ” وبحثت عن تخريج لها كما وردت في القصيدة ؛ أهي بدل من المفعول به أم من الفاعل ؟
عبر شريط فيديو أرسله إلي الصديق أحمد أبو صهيب شاهدت مشهد تأبين الصديق محمد عيسى الذي مات بالسرطان . كانت الجنازة جنازة تلتزم بشروط الدفن في زمن الكورونا من حيث قلة عدد المشاركين وارتداء الكمامات ولبس الكفوف .
في اليوم الأول من العيد الكوروني وجدتني مثل الإمبراطور السعيد في قصيدة ” في البيت أجلس ” ولكني لم اداعب الكلاب ، فلا كلاب حيوانية في بيتي .
صباح الخير
خربشات
٢٥ أيار ٢٠٢٠