أرسل الحسن البصري إلى أمير المؤمنين الإمام العادل / عمر بن عبد العزيز بالرسالة التالية ، يبصره ويحذره وينصحه بما ينبغي أن يتوفر في الإمام العادل من خصال ، بأسلوب رائع ، وعبارات قوية ، لا خوف فيها ولا وجل ، وتلك هي الرسالة : –
“اعلم يا أمير المؤمنين أن الله جعل الإمام العادل قوام كل مائل ، ومصدر كل حائر ، وصلاح كل فاسد ، وقوة كل ضعيف ، ونصفة كل مظلوم ، ومفزع كل ملهوف .”
“والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأب الحفي على ولده ، يسعى لهم ، ويعلمهم كبارا ، ويكتسب لهم في حياته ، ويدخر لهم بعد مماته ”
“والإمام العادل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة ، البرة ، الرحيمة بولدها ، حملته كرهاً ، ووضعته كرهاً ، وربته طفلاً ، وتسهر لسهره ، وتسكن بسكونه ، ترضعه تارة ، وتفطمه تارة ، وتفرح بعافيته ، وتغتم بشكايته …”
“والإمام العادل يا أمير المؤمنين رضي اليتامى ، وخازن المساكين ، يربي صغيرهم ، ويعين كبيرهم …”
“والأمير العادل كالقلب بين الجوانح ، تصلح الجوانح بصلاحه ، وتفسد بفساده … ”
“ولا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلية ، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين ، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين ، فإنهم لا يرقبون الله في مؤمن ، وإذا فعلت ذلك فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك ، وتحمل أثقالك وأثقالاً مع أثقالك ، ولا يغرينك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك ، ويأكلون الطيبات بإذهاب طيباتك في أخرتك ”
[محمد فاروق النبهان ، نظام الحكم في الإسلام ، ص 253 ، وما بعدها .]